الخميس، 21 مارس 2013

قراءة تحليلية سيمولوجية لمعرض الفنان والناقد ..دكتور : ياسر منجي - برؤية وتحليل الفنانة الدكتورة أم البنين سلاوي -- قراءة تحليلية سيميولوجية لمعرض الفنان الناقد القدير الدكتور ياسر منجي "برافو... اضطراب ما بعد الصدمة" عنوان معرض الفنان و الناقد المبدع الدكتور ياسر منجي الذي أقامه بقاعة العرض بكلية الفنون الجميلة بالزمالك بمناسبة ذكرى ثورة 25 يناير بمصر. نهج د. منجي الأسلوب المفاهيمي في طرح إشكالية معرضه، مستخدما 20 عملا مطبوعا بسيط التقنية، في الصورة البصرية التقريبية كمعطى موضوعي يتضمن الرسالة الهادفة التي ساهم في تكوينها و تشكيلها عبر و سائل مختلفة يبعثها إلى المتلقي، الذي يستقبل بدوره معلوماتها المتكونة من علامات إيقونية تستجلب صورته الذهنية لتؤسس علاقة ترابط و توفير التواصل. نستشف من ذلك بأن المعرض في حد ذاته عبارة عن حصادة سيميولوجية معمقة يصحبنا الفنان عبرها في جولة للرؤية البصرية تتمحور حول القضية التي صارت مشهورة، في الوسط المصري و العربي باسم "ست البنات" و معروفة في الوسط الاعلامي الغربي باسم *فتاة مشد الصدر الأزرق* التي حاول د. منجي علاجها، بوصفها علامة بصرية، فأدمجها في عدد من البناءات التشكيلية، المقترنة بثلة من الأطر المعرفية، و التاريخية، و التشكيلية عمل على إعادة ترتيبها و تفسيرها وفق مفاهيم جديدة، ربما تختلف عما تعودها المتلقي و استتبت في ذاكرته البصرية مرتبطة بمدلولات محددة اطمأن إليها، أو نتجت من الحملات الدعائية التجارية، أو نسجت حول شخصيات مشهورة بالعالم. و هذا هو الدافع الذي جعلني استحضر، في قراءتي التحليلية السيميولوجية، نظرية السيميوتيقي الأمريكي *شارل ساندرس بيرس* كنمط مقترن لما استنبطته في عرض د. منجي من تجسيد حي لمفهوم العلامة عند "بيرس" بكونه شيء يعوض شيء معين، وفق علاقة معينة أو صفة محددة، بالنسبة إلى شخص معين.. و كون العلامة موجهة لشخص معين.. معناه أنها تخلق في ذهنه علامة معادلة، أو علامة أكثر تطورا يسميها مفسرا للعلامة الأولى، و تعوض هذه العلامة شيئا معينا يسميه موضوع العلامة ". فتتألف بذلك العلامة عنده من مكونات ثلاثة هي: 1- الممثل: (بالفتحة على ث) و هو بيت القصيد عند الدكتور ياسر منجي، يتمثل في الصورة البصرية المعروضة. 2- الموضوع: ما يحيل الممثل عليه - كموضوع ديناميكي: فتاة منقبة متظاهرة نصف عارية معتدى عليها من رجال الأمن في أحداث مجلس الوزراء بديسمبر 2011، و هو ما أثار المصريين و العرب وقتها و اتخذها الغرب شعارا لتعييب أحداث ما يسمى بالربيع العربي... يترك أمر اكتشافه للمفسر حسب تجربته. - كموضوع مباشر: يكون جزءا من أجزاء العلامة، و عنصرا من عناصرها... في هذا العرض الضخم يأتي د. ياسر منجي كمرسل بعمله الفني و كمفسر نهائي بطريقة عرضه لإرساء العملية التأويلية و حصرها في نسقها الذي عينه لها، داخل صيرورة معينة، في سلسلة من الإحالات، تستدعي المفسر الدينامي ليغوص بالعلامة في المخزون الثقافي، فيقوم على التعيين ليؤسس التأويل. بينما يبقى المفسر المباشر بمعطيات الموضوع المباشر لا يتجاوز حدود التجربة المباشرة في دلالاته. فنلاحظ أن د. منجي يقدم لنا علاقة علامته بموضوعها مبنية تبعا لمعايير بيرس الثلاثية بين الإيقون و المؤشر و الرمز. يكون فيها ارتباط المؤشر بالموضوع ارتباطا سببيا و فيزيقيا من خلال المجاورة. و من حيث الرمز تكون علاقة العلامة بالموضوع علاقة اتفاقية، نتجت في السياق المبهم والمشتعل، سياسيا و اجتماعيا و إعلاميا، تحولت فيها العلامة لرمز مشتعل: انقلبت فيها فتاة القصر العيني إلى أيقونة حية اشتهرت ب *ست البنات*. و هي تسمية أعلنت لتفادي تداول عدة إشكاليات مشكوك في نواياها و سعيا كذلك لرد اعتبار الثائرة... أما بالنسبة لتسمية الإعلام الغربي *فتاة مشد الصدر الأزرق*جديرة بفتح باب المقارنة السياقية بين نمطي الثقافتين الشرقية و الغربية، بين ممارسة العنف البدني و الانتهاك الجنسي... استعرض د. منجي لوحات اختارها بعناية و إحكام من إبداعات تاريخ الفن التشكيلي العالمي، أدخل عليها *العلامة الصفة* و *العلامة النمط* في إعادة إنتاج بسياق تعبيري جديد يربط بين إيحاءات العلامتان ارتباطا قصديا معنويا. العلامة الصفة = اللون الأزرق الفيروزي*التيركواز*. العلامة النمط = *ست البنات* شكل الفتاة مجرورة و مرمية على الأرض يظهر جزء من جسدها العاري. فتصبح قاعدة بصرية متكاملة توضح رموزا مختلفة كرر إدماجها الفنان الناقد د. ياسر منجي في مختلف أعماله المقترنة بأطر معرفية و شخصيات تاريخية و إبداعات تشكيلية... نأخذ منها على سبيل المثال قصة لوحة *فرانسيسكو دي جويا* الشهيرة ب"3 ماي" و المعروفة كذلك ب"مجازر جبل الأمير بيو" 1808في مدريد، ( أنهاها سنة 1884، موجودة بمتحف *برادو* بمدريد إسبانيا). رسخ في هذه اللوحة، الإبداعية العظيمة، الفنان جويا حكاية تمرد الشعب الإسباني ضد الاغتصاب الفرنسي للانتفاضة الشعبية يوم 2ماي، في بداية حرب استقلال اسبانيا؛ حيث داهم الفرنسيون الأرض الإسبانية، و شاهدت البلاد ويلات الحرب و همجية الغزاة و التقتيل و المذابح. و نجد الفنان جويا أنجز في نفس الموضوع ، كفنان يذوب في حب وطنه، مجموعات من اللوحات تعرف باسم" كوارث الحرب" و أخرى معروفة ب"فظائع الحرب" أصبحت بمثابة صرخة وعي و زفرة ألم و صحوة ضمير تشتعل ثائرة في وجه القمع و التعسف و التسلط... فنرى حضور الفنان الناقد دكتور ياسر منجي جاء، مأهولا بما يحمله من رصيد معرفي و غيرة وطنية على بلده، ليربط مع الفنان جويا إحساسه الثائر على الوضع في بلاده، فأقام العمل على أساس الإدماج لتأهيل علاقة تناسقية بين السياقين المختلفين للرمزين البصريين بطريقة تمكنهما من تكوين تقرير عنهما بين أيقونة *ست البنات* و أيقونة الضحايا المستلقات على الأرض في لوحة "3 ماي" و بين المؤشر اللوني الأزرق الفيروزي *مشد الصدر* و المؤشر اللوني الأحمر الأرجواني *دم الضحية* لكون كلاهما يحمل دلالة عار الظلم و القمع و بطولة الثائر المغوار... و هكذا يكمن استجلاب د. منجي المتلقي، ليشاهد العمل على أنه أثر ناتج عن شبكة من العلاقات الرابطة بين العناصر و يجعل المعنى يكتسي وجوده بالاختلاف و في الاختلاف. و من ثم، يصبح إدراك المدلول يفترض وجود نظام مبني تعبر منه الدوال عبر شبكة العلاقات القائمة بينها... تبغت المتلقي و تدعوه لاسترجاع إيحاءات اللوحة و البحث عن أسباب إدغام علامة "ست البنات" الشرقية في إطار قضية غربية تجمع بينهما روح الوطنية و المقاومة بسلاح التشكيل ضد الغزاة. و كذلك الحال بالنسبة للوحة الفنان العالمي * ديلاكروا* المعروفة باسم "الحرية تقود الشعب". أقحم فيها د. منجي العلامة، المُحَمَّلة بدوالّ مغروسة في الوعي الجماعي، على سياق مغاير لما اصطلح عليه "سياقها الطبيعي فى ارتباط ذهني: ما بين "ست البنات" أو" فتاة مشد الصدر الأزرق" و بين التى تستصرخ الشعب للدفاع عن حريته وهى عارية الصدر... و هكذا رافقنا الفنان د. منجي، بسرده المفاهيمي، في جولته الشيقة برؤية فينومينولوجية للإدراك، ترى في كل الأفعال الصادرة عن الإنسان سيرورة بالغة التركيب و التداخل. بقلم الدكتورة أم البنين السلاوي تطوان/ المغرب 15 مارس 2013

https://www.facebook.com/pages/DraOum-El-Banine-Slaoui-%D8%AF%D8%A3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%8A%D9%86-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%88%D9%8A-%D9%84%D9%84%D9%81%D9%86-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9/242525705810278




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Thanks to comment

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.